| ]






 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.


لبعض العلماء الأفاضل فصلٌ في العقيدة الصحيحة، لكن الشيء الذي يلفت النظر في هذا الفصل أنه مأخوذٌ حصراً من كتاب الله عز وجل.

فالعقيدة الصحيحة أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بأنه رب العالمين، مقام الربوبية يختلف عن مقام الألوهية، فالله خالقٌ، وربٌ، وإله، من معاني الرب أنه المُمد فحينما يمدُّ الإنسان بما يحتاج إليه إنه رب العالمين، وليس رب البشر وحدهم ؛ ولكنه رب جميع العوالم في الكون،
 إذن وصف نفسه فقال:
﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)﴾
سورة الفاتحة )
وأنه مالك أو:
﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
سورة الفاتحة )
في الدنيا الأمور على حقيقتها بيد الله عز وجل، وفي ظاهرها قد تكون بيد زيدٍ أو عبيد..
﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
سورة الأنفال: من آية " 17 " )
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾
سورة الفتح: من آية " 10 " )
ولكنه في الآخرة تكون الأمور في الباطن وفي الظاهر بيد الله عز وجل لذلك هذا اليوم يوم الفصل، يوم القيامة مالكه الله رب العالمين، وأنه يستهزئ بالمنافقين واستهزاء الله عز وجل بالمنافقين بمعنى آخر أي يحتقر عملهم، والإنسان في الدنيا إذا كان كاملاً ورأى عملاً سخيفاً، أو عملاً فيه أذى، أو فيه فساد، أو فيه بغي يحتقر هذا العمل، من علامة المؤمن الكامل في الدنيا أنه يحتقر كل عملٍ منحط، هذا معنى الاستهزاء، وأنه يستهزئ بالمنافقين فقال:
﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾
سورة البقرة: من آية " 15 " )
وأنه يمدُّ المنافقين:
﴿ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)
سورة البقرة )
الإمداد له معنى آخر، الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)
سورة طه )
أي أن ربنا عز وجل في الدنيا أعطانا فرصة، كي نعبر عن ذواتنا، كي نظهر حقيقتنا، فلو أن الله سبحانه وتعالى عجَّل على الكافرين فقضى عليهم، تكون هذه الفرصة لم تعطَ إليهم تماماً لذلك:
﴿ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾
هذه الكلمة أنه أعطى للكفار ولبني البشر كافةً فرصةً كي يظهروا على حقيقتهم، هذا السؤال الذي يخطر في بال الإنسان: فلان أحياناً يفجر، أحياناً يطغى، أحياناً يبغي، يتجاوز حدود البشر، كيف أبقاه الله عز وجل ؟
الجواب: أن الله سبحانه وتعالى بعث بنا إلى الدنيا كي تظهر حقيقتنا، فلو فرضنا طالب دخل امتحان، المعلم يعرفه أنه لم ينجح لشدة كسله، دخل أول مادة، هل بإمكان المعلم أو هل يفعل المعلم أنه يمنع هذا الطالب من دخول الامتحان لعلمه به ؟ الجواب: لا، لو أنه حرمه الامتحان لقال: يا أستاذ أنا سأنجح، أنا حضرت. يعطى الطالب الفرصة الكافية لتقديم جميع مواد الامتحان، من أجل أن ينكشف على حقيقته..
﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾
سورة الأنفال: من آية " 42 " )
فهذا الذي يجعل الله سبحانه وتعالى يعطي للكفار الطغاة مهلةً من جهةٍ كي يظهروا على حقيقتهم، ومن جهةٍ أخرى لعلهم يهتدون..
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44
سورة طه )
وأنه يذهب بنورهم فيتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون، الحقيقة النور نور الهدى، ولا يعرف هذا إلا المؤمن، المؤمن على شيء من النور الإلهي، مستبصر، يرى الخير خيراً والشر شراً ؛ لكن المنافق والفاجر والكافر يرى الخير شراً، ويرى الشر خيراً، فيكفي أن يتباهى الإنسان بالمعصية، أعمى، سيدنا يوسف ماذا رأى في الزنا ؟ رأى نتائجه الوخيمة فقال:
﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
سورة يوسف )
أما الأعمى يراه مغنماً، وقد ينتهي، وقد يسفل به إلى أسفل سافلين، إذن لما الإنسان يكون في الدنيا مزوَّد بنور إلهي، معنى ذلك أنه يرى الخير خيراً والشر شراً، فأخطر شيء في الدنيا أن تمتلك رؤيةً صحيحة.لذلك الإنسان الجاهل يرى المال الحرام مكسباً، مغنماً، ولا يدري أن الله سبحانه وتعالى سوف يذهب له هذا المال بأساليب عديدة، لا يدري، الحديث الشريف:
(( من أصاب مالاً في مهاوش أذهبه الله في نهابر ))
معنى مهاوش أي أدق تعبير لها في اللغة العامية بالهيلمة، في كسب شرعي وفق جهد، وفي عدوان على الكسب، الإنسان أحياناً يعتدي على كسب الآخرين بأساليب ؛ إما أن يخيفهم، وإما أن يخدعهم، وإما أن يدلِّس عليهم، فكسب المال على نوعين ؛ إما أن تكسبه بجهدٍ حقيقي فهذا هو الكسب المشروع، وإما أن تكسبه بطريقةٍ من الطرق غير المشروعة، قد تكو بالخداع، وقد تكون بالضغط، وقد تكون بالتخويف، معنى:
(( من أصاب مالاً في مهاوش أذهبه الله في نهابر ))
هذا قانون أي يذهب نهب، أخذه بوسائل غير مشروعة يُذهب منه نهباً، من يعرف هذا ؟ المؤمن، مستبصر، أما غير المؤمن أعمى.
﴿ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19)
سورة البقرة )
أي أن الكافر لجهله يظن أنه يفعل ما يشاء..
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾
سورة الأنفال: من آية " 36 " )
الله سبحانه وتعالى بيده كل شيء، أحياناً الكافر يظن نفسه يفعل ما يشاء، لكن مشيئته موظفةٌ عند الله عز وجل، لا يفعل إلا ما يسمح الله من مشيئته أن يحدث، و..
﴿ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)
إن كانت قدير من فعل التقدير، تقديره تقدير حكيم عليم، وإن كان القدير من فعل قدر، وقدر من القدرة، فهو على كل شيءٍ قدير، لذلك إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله..
﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
سورة البقرة )
تواب صيغة مبالغة، أي كثيراً ما يقبل التوبة عن عباده..
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95)
سورة الجمعة )
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)
سورة إبراهيم )
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)
سورة البقرة )
طبعاً الله سبحانه وتعالى يكره عملهم، لا يكرههم بالذات، يكره عملهم، وأدق مثل مثل الأب قد يكره عمل ابنه، ومع ذلك يرعاه ويعطف عليه ويقدم له حاجاته وينصحه ولكنه يكره عمله، فإذا عاد إلى رشده أحبه ورفع شأنه.
﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)
سورة آل عمران )
أي..
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1)
سورة الإنسان )
الله سبحانه وتعالى تفضل علينا بنعمة الإيجاد، لولا مشيئة الله عز وجل بإيجادنا من نحن ؟ نحن لا شيء، إذن هناك نعمة الإيجاد، لمَ أوجدنا ؟ ليسعدنا، ولذلك خلقهم..
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾
سورة هود: من آية " 119 " )
وتفضل علينا بنعمة الإمداد، هذه الثانية، وتفضل علينا بنعمة الإرشاد، خلقنا وأمدنا وهدانا، لذلك قالوا:
﴿ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾
سورة المائدة: من آية " 6 " )
تمام النعمة الهدى..
﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)
سورة الفجر )
إن كان المال من دون هدىً فليس إكراماً ؛ بل هو امتحان.
﴿ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
سورة المائدة: من آية " 40 " )
وأنه تعالى له وجهٌ..
﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)
سورة القصص )
له وجهٌ، قد يبتغي الإنسان بعمله وجه الله عز وجل، والمرء يوم القيامة ينظر إلى وجه الله عز وجل، وأن وجهه..
﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا﴾
سورة البقرة: من آية " 115 " )
أي أينما جلست وتوجهت إلى الله فثم وجه الله..
(( يا موسى أتحب أن أسكن معك بيتك ؟ قال: كيف ذلك يا رب ؟! قال: أما علمت أنني جليس من ذكرني وحيثما التمسني عبدي وجدني))
وأنه بديع السماوات والأرض، هو الذي أبدعها على هذا الشكل، فأنت لو فكرت الجبل الآن مألوف، والشجر مألوف، لكن من أبدع فكرة الجبل ؟ لولا الجبل لما عاش الإنسان الجبل فيه خزانات مياه عذبة، لو الأرض كلها مسطحة، صحارى، من أين تأتي الينابيع ؟
فكرة الشجر، أشجار للزينة، أشجار حدودية، أشجار للخشب، أشجار للظل أشجار دائمة الخضرة، أشجار متساقطة الأوراق، أشجار مثمرة، أنواع الفواكه، هذا كله بفضل من ؟ بفضل الله عز وجل، إذاً فكرة الإيجاد، أحياناً يرسموا لك أشخاص عايشين بالمريخ فالإنسان ليس عنده إمكان إلا يتخيل مخلوق له رأس، ويدين، ورجلين، وجذع على أشكال متفاوتة، إذاً من أبدع هذا النظام ؟ من أبدع شكل الكرة ؟ من أبدع شكل الدوران ؟ من خلق نظام الجاذبية ؟ من خلق الماء ؟
فكرة الماء قبل أن يكون الماء من أبدعها ؟ فكرة الهواء، فكرة المعادن، التربة، إنبات النبات، تحليق الطيور في الفضاء، فكرة الأسماك من ابتدعها ؟.
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
سورة البقرة: من آية " 117 " )
الآن الغواصات مأخوذة من الأسماك، الطيران تقليدٌ غير جيد للطائر، أعظم طائرة صنعت حتى الآن تقليدٌ غير جيدٍ للطائر، فكرة الطيران من ابتدعها ؟ الله سبحانه وتعالى، فكرة الغَوص في البحر من ابتدعها ؟ الله سبحانه وتعالى، فكرة الطاقة، أنت تحتاج إلى طاقة كي تعيش، لولا الطاقة لما تمايز الناس، الإنسان يحتاج إلى الطعام، والطعام يحتاج إلى كسب والإنسان في الكسب يبدو معدنه الحقيقي، إما يكذب وإما يصدق، إما يكسب مال حلال أو مال حرام، إما أن يكون متقن لعمله أو غير متقن، فأخلاق الإنسان تظهر في كسبه لرزقه، لو تعمَّقت من أبدع نظام الزوجية ؟
﴿ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾
(سورة هود: من آية " 40 " 
الله سبحانه وتعالى أبدع هذا النظام، كان بالإمكان أن يخلق الناس كلهم دفعةً واحدة ويموتوا دفعةً واحدة، ولكن هذا التدرج في الخلق والموت هذا يعطي الإنسان درس كبير جداً أكبر موعظة للإنسان الموت، فمهما كان الإنسان مكابر، حينما يرى إنسان ميت، خشبة لا تقوى على التحرك، كان شيئاً مذكوراً فصار خبراً، يكون الإنسان مخيف، فقط عندما الله عز وجل يسحب الروح منه صار نعوة، صار اسم على نعوة، صار حدث، كان شيء مخيف صار خبر، قال الله تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾
سورة المؤمنون: من آية " 44 " )
من الذي خلق فكرة الموت ؟ فكرة التزاوج في الإنسان، في الحيوان، في النبات.. فالحيوانات من خلق هذه الفكرة ؟ الخروف تأكل لحمه، لماذا جعله الله على شاكلتك ؟ فإذا أنت لم تدرس طب، ولم تكن متخصص بأمور خلق الإنسان ألا تأكل لحم، ألا ترى القلب والكلاوي والكبد، والمعدة والأمعاء، والدماغ، والشرايين، والأوردة، والعضلات والعظام والأوتار، هذه ما ترها أمامك عند اللحام كلها ؟ في علاقة بين خلق الإنسان وخلق الحيوان، هذه العلاقة درس تعليمي لنا، هذه معنى:
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
سورة البقرة: من آية " 117 " )
فكرة أن الطفل محبوب، لو كان الإله خَلْقُه غير كامل ؛ قد يكون الطفل حجمه صغير أما عقله ناضج، ما دام عقله ناضج بوقت مبكر لم يعد محبوب، ولكن محبوب في براءته الأب يحب ابنه سذاجته أحياناً، تفكيره المحدود، يعجبه كل شيء، يفرحه كل شيء، فالبنت الصغيرة تمسك المخدة تعملها لعبة، تصورها لعبة، أن هذه بنتها، تضعها على صدرها تنيمها، وهي مخدة، لو كان الطفل عاقل ما كان محبوب، فكرة الطفل من خلقها ؟ الله عز وجل:
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)
سورة البقرة )
أي على الله كل شيء سهل، لذلك الإنسان لما يكون مع الله يكون مع أقوى الأقوياء، مع القوة المطلقة، وإذا كان مع شركاء لله عز وجل، مع الأضعف..
(( ما من عبد يعتصم بي دون خلقي أعرف لك من نيته فتكيده السماوات بمن فيها إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأرسخت الهوى من تحت قدميه، وما من عبد يطعيني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني، وغافر له قبل أن يستغفرني ))
من الجامع الصغير: عن " كعب بن مالك " )
﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
سورة الصف )
معنى العزيز أي لا ينال جانبه، فإذا كان طبيب نسي يسأل مريض معك حساسية ؟ أعطاه إبرة فصار معه صدمة، يأتي المريض يفتح للطبيب هاتف يوبخه فيه، الطبيب يخجل والله نسيت أن أسألك معك حق، لم يعد الطبيب عزيز، إذا كان صنعت صنعة وفيها خطأ فيها عيب، وجاء زبون كشف العيب، ووجه لك اللوم، لم تصبح عزيز، من معاني العزيز أن أحداً لا يستطيع أن ينال جانبه ؛ خلقه كامل، تصرفه كامل، حكمته مطلقة، فأي خلل بالكون، أي خلل بالتصرف، لو ربنا عز وجل ما وجه لإنسان معالجات، ما كان عزيز يوم القيامة، العبد يقول له: يا رب لمَ لم تعالجني بالدنيا ؟ لمَ لم تذكرني ؟ لمَ لم تخوفني ؟ لمَ لم تبعث لي شيئاً يوقفني عند حدي ؟ يقول له الله: لا، لقد سقت لك كل المعالجات.
﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
سورة الصف )
عزيزٌ لأنه حكيم، وأنه يوفي العهد لمن وفىَّ بعهده..
﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾
سورة التوبة: من آية " 111 " )
فما في شيء مؤلم مثل الخيانة، مثل إنكار الجميل..
أعلمه الرماية كل يوم       فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي      فلما قال قافيةً هجاني
* * *
لا يوجد شعور مؤلم في الحياة يوازي الشعور بالخيانة، لكن المؤمن الله عز وجل انظر إلى الأب أحياناً يضع كل أمله بابنه، الابن أحياناً ينسى أبوه، يغيب عنه أسبوعين يا أبت أي أنت ؟ والله مشغول، ماذا تريد مني ؟ اطمئن لا يوجد شيء لما يكون في شيء أنا أخبرك يتألم الأب، هلك حتى أن رباه، رآه كبير لم يعد يريده، صار الابن يرى أبيه عبء عليه، لما الإنسان يتعلق بالله عز وجل، الله وفي..
ينادى له في الكون أنَّا نحبه     فيسمع من في الكون أمر محبنا
* * *
مسكين الكافر، حالته يرثى لها، أحياناً يتعلق بزوجته، يضع كل أمله فيها، ربنا عز وجل كذلك لحكمةٍ ربنا مضل، يضله عنها، من أسماء الله الحسنى أنه مضل، يضع كل أمله فيها، فتتنكر له أحياناً، أين ذاهبة ؟ والله زائرة عند بنتي، وأنا أين تركتين لحالي ؟ تقول له: أأنت صغير، كل لحالك. يتألم، أنا هكذا عاملتك من زمان ؟!كل إنسان يضع أمله بزوجة أو بولد أو ببنت الله عز وجل من أسمائه المضل فلحكمة بالغة يريه من هذا الشخص الذي أشركه مع الله عز وجل أعمال مزعجة، أما المؤمن ثقته بالله وحده، لذلك الله عز وجل يسخِّر له أعداءه، فكيف بأصدقائه ؟
فلا توجد أجمل من شيخوخة المؤمن، لأنه سبحان الله كل ما ازداد سني عمره يزداد مكانة، يزداد هيبة، يزداد عقل، يرتفع شأنه، تزداد محبة الناس له، هذه من علامة الإيمان وعلامة من أمضى شبابه في معصية الله، ففي أمامه شيخوخة متعبة كثيراً، من كم يوم في شخصين أو ثلاثة لما أنا كنت صغير كانوا بمناصب حساسة بالتربية والتعليم، لما يدخل للمدرسة يبث الرعب والخوف، والله بوضع يرثى له، ماشي على عكازة نصفين، لا يدوم إلا الله عز وجل، أما المؤمن لو كان عمله طيب جداً وضع آخر يصير، الشيخوخة مقياس الشباب، الشاب المؤمن له شيخوخة سعيدة، وغير المؤمن يدفع الثمن في الدنيا قبل الآخرة.فقال:
﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾
سورة التوبة: من آية " 111 " )
﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)
سورة الحج )
وأنه يذكر من ذكره..
((إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه))
من تخاريج أحاديث الإحياء: عن " أبي هريرة " )
من فضل الله عز وجل، أي أنك تدعو إلى الله، والله عز وجل يجعل اسمك برَّاق اسمك نظيف، لو فكر واحد يحكي عليك، يتصدى له أشخاص عديدين يسكتونه، هذه من نعمة الله عز وجل، لذلك في بعض الأبيات الشعرية بهذا المعنى:لولا اشتعال النار فيما جاورت
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ ....    .... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت     ما كان يعرف طيب عرف العود
* * *
أي البخور.وأنه يذكر من ذكره فقال:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾
سورة البقرة: من آية " 152
...



السابق التالي الرئيسية