| ]




التحالف من أجل الحرب
l'alliance pour la guerre
_________________________________

أوروبا
عام 1093 ميلادية
كانت القارة العجوز تعاني أشد المعاناة من حروب الإقطاعيين المتوالية التي لا تنتهي وصراعاتهم التافهة على مناطق النفوذ

في تلك السنة رأت الإمبراطورية الرومانية العظيمة خطراً داهماً على أوربا فعلى أعتاب البابا كان الفلاحون يجلسون بالألوف ينتظرون الصدقة وكان أوربانوس البدين الغارق في المال والملذات يكره الفلاحين

يكره أشكالهم
يكره ملابسهم
يكره رائحتهم كان كل ما في الفلاحين يثير إشمئزازه غير أن السياسة كانت تقتضي منه أن يخرج عليهم في ثوب الواعظ والداعية ليخبرهم بما ينتظرهم عند الله في الملكوت السماوي

غير أن هناك مشكلة متصاعدة حقيقية تهدد أوربانوس وهي أن أعداد الفلاحين في إزدياد وهناك ضغط حقيقي على الإمبراطورية
دخل في أوربانوس في صلاة طويلة
كان أوربانوس متحيراً فعلاً
وكانت مشكلته تتلخص في
1/ الحروب الإقطاعية حيث يتصارع أمراء الطوائف بلا أمل في حل حقيقي وكل الزيجات الملكية في العالم لم تفلح في إيقاف تلك الحروب
كانت تلك الحروب تنشر الفقر والمجاعة في أوروبا وكانت تدفع بالفلاحين إلى عتبات سانت بطرس
لم تكن مشكلة أوربانوس رائحة الفلاحين فقط ولكن كانت لديه مشاكل أكبر بمراحل

وهي أنه إن لم يجد حلاً للفلاحين فقد يهدد هذا الوضع بثورة حقيقية
قد تطيح بعرشه الباباوي
وأخذ أوربانوس يمعن في التفكير
وفي نهاية العام تقريباً أتاه الحل على طبق من ذهب
إن أوربانوس أدرك للحظة ما هي المشكلة الحقيقية التي تواجهه
إن مشكلة الفلاحين ليست طعامهم ولا كسائهم
إنها مشكلة وجود
كان الحل متمثلاً في رسالة أتته من الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الذي كان يقاتل العرب منذ دهور يطلب فيها المساعدة في حربه ضد السلاجقة السنة ( اللى هم مش سنة قوي يعني )
في البداية يجب أن تعرف أن هناك خلافاً عقدياً حاداً وعميقاً بين ألكسيوس وأوربانوس
فالأول كان يعتقد بإعتقاد نسطور والثاني كان يعتقد بإعتقاد كيرلس
وعلى هذا الأساس تركت البابوية بيزنطة تقاتل "الشرقيين لقرون"

إن ما حدث بإختصار أن أوربانوس رأى في الحرب فرصة لشحن ملايين الفقراء نحو الشرق ليموتوا على يد الشرقيين
فإن إنتصروا كان هذا مبرراً لشحن المزيد مع تدفق ثروات القدس عليه
وإن خسروا يشحن المزيد إنتقاماً للــ الشهداء !!

وككل قصة في العالم تبدأ قصتنا برجل طموح جداً
وكان هذا الرجل هو جودفري الذي كان جيشه الإقطاعي معززاً بحملة الفقراء وقود الحملة الصليبية الأولى
كان طموح جودفري أن يكون ملكاً
لا يهم أين
المهم أن يكون ملكاً وكانت فرصته في ملك فرنسا في ظل التناحر الحاصل شبه منعدمة
ولكن أوربانوس وعده بتنصيبه ملكاً على القدس فور وصوله إلى هناك
وحمل جودفري جيشه
فى ذلك الوقت كان العرب منقسمين إلى دولتين كبيرتين
الفاطميين الشيعة في الجنوب
والسلاجقة "المتسننين" في الشمال وكان بين الفريقين
حروب طويلة بعضها عقدي والكثير منها على مناطق النفوذ
حسناً كلنا يعرف كيف إنتهت هذه القصة


إن ما يحتاجه صاحبكم الآن هو أن يربط هذا السرد
بواقعنا الإنتخابي

ولنبدأ من نقطة الإنطلاق
التى ستكون ..... جودفري الإقطاعى الطموح

في قصتنا هذه جودفري هو مجموعة أفراد يختلفون بإختلاف الحملة الشخصية
إنهم أشخاص ذوو طموح يحركهم لاهوت خفي واعداً إياهم بتحقيق طموحاتهم


خذ مثلاً تحالف الأمة المصرية

هذا التحالف به أوربانوس وهو هنا أيمن نور شخص لديه مشكلة واضحة وهو أنه يريد قطعة ما من السلطة ولكي يصل لهذه السلطة يلزمه جسر ما فالرجل فقد صلته بقاعدته الليبرالية التي سحبها منه البرادعي فجأة بعد عام 2005

أيمن نور يحتاج لشخص إقطاعي طموح
وهذا الشخص يتجلى بوضوح في عمرو موسى
فعمرو موسى يأتي لهذا التحالف ويتزعمه بقوة بضعة ملايين صوت إنتخبته في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة وهو كمحرك لتلك القوة يماثل جودفري تماماً
وعلى الفور نصب أوربانوس وفور وصوله جودفري ملكاً على مملكة القدس
إن أيمن نور إختار عمرو موسى لرئاسة الحزب الجديد الذي تحول فيه أيمن نور من ملك متوج وزعيم أوحد إلى مجرد متحدث

يأتي جيش الإقطاعي موسى من الغرب ومن خلفه كاهن روما أيمن نور

وتتكرر القصة مرة أخرى في التيار الشعبى
لديك أوربانوس (وهو هنا جماعة القوة المؤثرة على حمدين ) ولديك جودفري الإقطاعي الطموح
الذي أتى بجيشه الإقطاعي المكون من خمسة ملايين صوت في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة
وعلى الفور توج ملكاً
حتى أن الزعيم اليسارى المناضل كمال خليل توحد خلف الزعيم الناصرى الجديد
وذابت وللحظة كل الخلافات
فالجميع يعلم أن "بلاد الشرق جميلة وبها الكثير من الملذات على رأي الفقيدة ليلى فوزي "

ومرة أخرى وأخرى
في الحركة المصرية الخاصة بشفيق
ووفي دستور البرادعي وتابعه محمد يسري سلامة
وحتى في حزب مصر "مهزلة" عمرو خالد


كل هذه الحملات باتت تحاصر مملكة الشرق
والمملكتان المسيطرتان الآن بينهما حرب مستعرة خفية أو على الأقل عدم تفاهم بعضه منهجي وأكثره على مصالح ضيقة

شىء يشبه إلى حد كبير ما كان بين السلاجقة والفاطميين مع الفارق العقدى الكبير بين المثالين


فلاش باك القدس عام 1096

إن أمير السلاجقة ياغي سيان يدرك وبكل قوة أنه لا أمل له في النص إلا إذا تحالف سياسيا و لو مؤقتا مع الأفضل شاهنشاه وزير الفاطميين
والأفضل يعرف تماماً كرجل خبير أن الحملة الصليبية لن تتوقف عند القدس وإنها إن بدأت بالشام حيث السلاجقة لن تنتهي إلى في صعيد مصر
وأن رأس الأمير السلجوقي سيؤانسها رؤوس ملوك الفاطميين على رماح جودفري


وفي لحظة غباء نادر يتوقف تاريخ البشرية مذهولاً أمامها لعب التستوستيرون بعقل الرجلين فقررا أن لاحاجة لكل منهما بالآخر

هزم الرجلين المنفصلين في معركتين منفصلتين
تأسست مملكة القدس
وضاعت القدس من المسلمين لمدة أكثر من 120 سنة
وبقت المملكة الكاثوليكية الحديثة في صدور المسلمين كالسهم
حتى أذن الله بزوالها إلى غير رجعة على يد المماليك في عام 1291 أي بعد
200 عام من تلك اللحظة المؤسفة


إن السؤال الذي نطرحه الآن ببساطة

هل يسيطر نفس هرمون التستوستيرون على عقل الأفضل شاهنشاه و ياغي سياد نسخة 2012 ؟؟




السابق التالي الرئيسية