| ]




أيها الأخوة الكرام:

 
في الإنسان نفس وروح وجسد، فالجسد وعاء غلاف، والروح هي القوة المحركة، والأصل في الإنسان التي بين جنبيك، هذه لا تموت لكنها تذوق الموت، تذوق انفصالها، غلافها عن جوهرها هذه النفس تسعد وتشقى، تؤمن وتكفر، تشكر ولا تشكر، تسمو وتسفر، هي الأصل هي أنت، هي المعنية بقوله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)﴾
سورة آل عمران الآية: 154)
هي المعنية بخطاب الله عز وجل:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
(سورة الإنفطار الآية: 6 )
الأجسام تتشابه، لو أخذنا جسم نبيل وجسم طاغية الأجهزة واحدة لكن نفس في أعلى عليين ونفس في أسفل سافلين، حضارة الغرب بكل ما فيها تتجه نحو الجسد كي تعطيه حاجاته من طعام وشراب وتدفئة وتبريد ومتعة ولذة إلى ما هنالك، الإنسان حينما يتجه إلى العناية بجسده يأكل ما يتمنى يسكن بيت جميل، له إطلالة رائعة، يركب مركبة فارهة، هو غاب عنه أنه أغفل الأصل وهي نفسه فحينما لا يسمو بها إلى الله يشقيها وقد قال الله عز وجل:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
سورة الشمس الآية: 9 ـ 10 )
زكاها عرفها بربها، زكاها حملها على طاعته، زكاها حملها على التقرب منه، ودساها أبقاها جاهله، وغمسها في شهوات محرمة، فكانت في حالة من الشقاء.الإنسان دون أن يشعر يسعى إلى سلامته وسعادته، أم حينما يوقن أن كل سعادته في الاتصال في الله، وأن كل شقائه في البعد عنه، إذاً ينبغي أن يسلك طريق الإيمان.
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
(سورة الرعد الآية: 28 )
الهدف هو أن تكون سعيداً، ولا سعادة بالعبد عن الله، ولو ملكت الدنيا بأكملها، والأمور واضحة أمام الناس، بتلاقي يرقى إلى أعلى مستوى ثم ينتحر، يملك أكبر ثروة ويقول لك أنا أشقى الناس، حدثني أخ كان في زيارة رجل من أغنياء هذا البلد أقسم لي بالله أن حجم ثروته يزيد عن أربعة آلاف مليون، قال لي جلست عنده ساعة لم أستطع أن أقف من شدة الهموم التي ركبته، شكى له زوجته وأولاده والعلاقات العامة، إنسان يملك أربع آلاف مليون ما في عنده مشكلة مالية، لكنه من أشقى الناس قال لي لحكمة أرادها الله في اليوم نفسه زارتني امرأة محجبة فقيرة من بلدة من بلدات الريف في غرب دمشق تطلب مساعدة قلت لها أنا مساء في هذه البلدة عندي اجتماع وسأطرح اسمك على الجمعية طرح اسمها في الجمعية فقالوا تعال الآن نذهب إلى التحقيق، فمعه العنوان، قال لي: طرقت باب بيتها، بيتها هو مساحة نصفها مغطاة بدرج ونصفها فسحة سماوية فغرفة النوم هي تحت الدرج بالمنطقة العالية والمطبخ والحمام بالقسم، قال لي: لا يمكن للإنسان أن يسكن هذا البيت، درج في حائط تحته القسم العلوي غرفة وهنا منافع وساحة، البيت أجرته ألف ليرة بالشهر هي تطلب أجرة هذا البيت مساعدة شهرية، قال لي دخلنا البيت شعور عجيب، في راحة نفسية، أولادها ثيابهم نظيفة، الزوج كان مريض مضطجع على سرير، الجو جو مريح، جو في أنس، في سعادة المرأة محجبة، الأولاد نظيفون، الزوج سمته حسن، اقتنعوا بالمساعدة قال له أعمل ألفين بالشهر، قالت له: لا ألف يكفي، أعطوا ألف لأسرة ثانية، نحن معاش زوجي يكفي طعام وشراب بحاجة إلى ألف ليرة، قال لي: أنا في هذا اليوم صعقت، كنت عند واحد معه أربع آلاف مليون يكاد يبرك من الهم، وفتت لبيت لا يمكن أن يسكن وجدت في هذا البيت ترفرف السعادة، العالم كله الآن يتجه إلى الجسم، لازم يكون السرير مريح، في فندق بألمانيا كاتبين لوحة
(( إذا لم تكن مرتاح على هذا السرير فالعلة من ذنوبك لا من فروشنا ))
فإذا الإنسان أذنب يتقلب طول الليل، يأتي الإنسان المؤمن ينام نوم عميق الموصول بالله سعيد فالناس كل الآن تتجه إلى دخل أكبر، إلى بيت أوسع، إلى امرأة أجمل، إلى متع، إلى طعام طيب، إلى نزهات، هم الناس الأول إسعاد هذا اللحم والدم، إسعاد الجسم ولا سعادة للنفس إلا بالقرب من الله، تسمع مفارقات عجيبة، تسمع من إنسان فقد حريته عشر سنوات وهو في المنفردة وقد حفظ كتاب الله كله وكان من أسعد الناس في هذا المكان الذي يعد أسوء مكان في الحياة لذلك هذه السكينة إذا منحها الله لهذا الإنسان سعد بها ولو فقد كل شيء، وشقي بفقدها ولو ملك كل شيء، وهذا معنى قوله تعالى:
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
بتلاقي معنويات المؤمن عالية جداً، موصول بخالق الأكوان، خالق الأكوان طمئنه.
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)
سورة آل عمران الآية: 139 )
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
المنافق والكافر مقهور ذليل ينافق يخاف على ما بيديه.
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)
سورة المعارج الآيات: 19 ـ 22 )
المصلي معافى من هذا المرض،هذا مرض العصر القلق، يعطيه الله الصحة، ويعطيه المال ويعطيه الجمال، ويعطيه الذكاء، لكن لا يتجلى على قلبه، قلب متصحر، لأن ماله حرام جمع ماله حراماً، جمع مال كثيراً ليشقى بالحرمان منه أناس كثيرون، كل حركاته وسكناته مبنية على أن يبني مجده على أنقاض الناس، أن يكذب عليهم، يحتال عليهم أن يجمع ثروة من غفلاتهم، مثلاً:
 
قال لي أخ مقيم بأمريكا حضر بعض الدروس حينما كنت هناك شعر أن وجوده هناك غير صحيح، علمه يمنحه لأعداء المسلمين، فأخذ قرار وجاء إلى الشام، مستوى الحياة هنا بالقياس إلى هناك واحد لمائة من حيث الدخل، من حيث الرفاه، من حيث كل شيء، قال لي: وأنا أعالج المسلمين هنا وأبذل علمي لهم شعر بسعادة كبيرة، مع أنه تعقيدات ورخص وأمور صعبة ومنافسة شديدة، والأمور معقدة، ووسائل غير متاحة لكل إنسان، قال لي مع كل هذه المتاعب شعرت براحة أنني أرد الجميل لهؤلاء المسلمين الذين درست الطب على حسابهم الجامعة مجانية فجمع هذا العلم من هذا البلد، ألا ينبغي أن يرد هذا الجميل إلى هذا البلد فالإنسان أيام يكون مظهره خشن لكن هو نفسه سعيدة يكون مظهره راقي جداً لكن نفسه شقيه، أنا أرى العاقل الذي يسعى لإسعاد نفسه عن طريق اتصالها بالله، والشقي هو الذي يسعى لترفيه جسمه لكن هذا يقامر لأن كل هذا الرفاه يلي كلفه عمر بكامله يخسره في ثانية واحدة، إذا توقف قلبه.
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)
سورة الإنسان الآية: 20 )
بتلاقي أموال منقولة وغير منقولة، ومكان جميل بالمصايف ومكان على الساحل، ومكان بالداخل، سيارات، ومع ذلك لا تراه سعيد يأتي إنسان يسكن ببيت مستأجر لكن يعرف الله يستقيم على أمره، يقدم للناس الخير، لو شققت على صدره لرأيت فيه سعادة لا توصف، هذا هو القرب لذلك في النفس فراغ، لا يمكن أن يملئه إلا القرب من الله، المال لا يملئه، والدليل:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾
سورة طه الآية: 124 )
إذا بتلاقي واحد في الأرض له معيشة مسعدة وهو معرض عن الله فهذا الكلام ليس كلام الله لكن لأنه كلام الله لن تجد في الأرض إنسان واحد مطمئن وهو معرض عن الله، قلق، أعطاه المال وسلب منه نعمة الأمن، خائف دائماً.
﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾
سورة الحشر الآية: 2 )
ما تسمعون يؤكد هذا يعني أمة بأكملها فقد الأمن، يأتي إنسان آخر مطمئن أمره بيد الله والله عز وجل كريم، والله عادل، رحيم، وما سلمه لأحد، لمجرد دقق الآن، لمجرد أن تتوهم أن مصير أمة بأكملها بيد إنسان حاقد، بيد إنسان مجرم، بيد إنسان طاغية، مصير أمة بأكملها إذا توهمت أنها بيد إنسان بعيد عن الله هذا التصور وحده يشقي الإنسان، أما حينما تتصور وهو الحق أن أمرك بيد الله، وأن الله لا يسلمك لأحد، وأن الله طمأنك، قال:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾
سورة هود الآية: 123 )
هذه الآية وحدها تكفي.
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
لما الإنسان يطلب العلم ويصطلح مع الله ويقيم أمر الله في بيته وفي عمله هو في الحقيقة يسعد نفسه، يملئها طمأنينة، يملئها أمناً، يملئها سلاماً، يملئها تفاؤلاً.
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾
سورة التوبة الآية: 51 )
بتلاقي شخص ما في عنده شيء ومطمئن، وشخص معه أموال لا تأكلها النيران قلق وخائف، فالله عز وجل حينما يمنح نعمة الأمن هذه أعظم نعمة يأخذها الإنسان فالمظاهر هناك أغنياء، وهناك أقوياء والحقائق هناك سعداء لله عز وجل، ما معناها أن كل إنسان معه مال شقي لا أعوذ بالله، جمع الحسنين إذا كان مؤمن، كنت أقول دائماً المؤمن تحبه إذا كان غنياً، لأنه متواضع وسخي ويسخر هذا المال لإسعاد الناس، فهو تنمو نفسه، تحبه فقير متعفف، عزيز النفس، لا يذل نفسه لا يبذل ماء وجهه لأحد، تحبه مثقف ثقافة عالية، تحبه غير مثقف لأنه عرف الله وكفى بالمرء علماً أن يطيع الله، يعني المؤمن لا يمكن أن يضاف إلى جانب اسمه كلمة واحدة، مؤمن، هو شخصية فذة ولو كان فقير وشخصية فذة ولو كان غني، وشخصية فذة ولو كان قوي أو ضعيف مثقف أو غير مثقف، وصل إلى الله، لذلك في النفس فراغ لا يملئه إلا الإيمان بالله.
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
أيام بتلاقي شخص عما يبذل وتعبان هو سعيد، هو ذكي، هو العاقل، اتجه لإسعاد نفسه سعادة أبدية، أما هؤلاء أهل الدنيا، ما دام بمكانته، ما دام في منصبه، ما دام في ثروته، يعني يشعر أن هو ملاك لكن هذا كله منوط بدقات قلبه، وقف خلص خبر صفي نعوة كان شخص ملء السمع والبصر صار خبر على الجدران، هذه الدنيا، تغر وضر وتمر، لما الإنسان يتعرف إلى الله ويسعد بالقرب منه هو يرتاح قبل كل شيء، هو يتعجل الراحة لقلبه، بتلاقي شخص حركاته واسعة في الحياة وتجارته عريضة، لكن فيها ربا وفيها قروض ربوية وفيها غش وفيها تدجيل وفيها دعاية محرمة، أنا ما ضد الدعاية، جزء من العمل التجاري لكن لا تصح الدعاية إلا بامرأة شبه عارية، لا تصح أبداً إلا بهذا الطريق من أجل أن تأكل رزقك يجب أن تفسد الشباب، مثلاً، وإذا كان السلوك عم، إذا الباطل عم ما بصير حق، إذا كل الشركات في الأرض لا تعلن عن بضاعتها إلا بامرأة شبه عارية، هذا السلوك ما بصير حق، هذا باطل، هذه امرأة ليست سلعة، إنسان مقدس أصبحت سلعة من السلع كلما استخدمنا المرأة من أجل أن نقرنها بضاعة رائجة كما هو الشأن في العالم كله نكون نحن أهناها، هي إنسانة هي، أنت مثلاً تركب طائرة على أنك إنسان، أما إذا مات إنسان يصير بضاعة بدو أوراق تخليص مرة علمت أنه هناك نعش بطائرة أبداً مثل البضاعة تماماً، بدو شهادة وصول وشهادة صحية ودخول واستيراد بضاعة صار، فلما المرأة تصبح مادة إعلان ما عادت امرأة، ما عادت إنسان، مكرم، أصبحت سلعة مبتذلة.واحد تكلم كلمة أعجبتني، أنه لو فرضنا جمعنا خمس آلاف إنسان ليستمعوا إلى محاضرة من امرأة فرضاً، وهذه المرأة يعني كل مفاتنها ظاهرة، من هؤلاء الخمس آلاف رجل كم واحد يصغي إلى كلامها ؟ ولا واحد، أما إذا كانت محجبة يمكن لا يفوتهم ولا كلمة من كلماتها، إذا كانت محتشمة، محجبة، مفاتنها مخفية كلها، لما الإنسان يتفلت يشقى وهذا الشيء عليه مليون دليل، التقي مع الناس، العصاة يقول أنه غير مسرور، الحياة كلها مشكلات، انقباض، قلق، خوف وهو في بحبوحة والتقي مع مؤمن بتلاقي ما في عنده شيء إطلاقا وبتلاقي في بقلبه جبال من الأمن، شاعر حاله قريب من الله، هي الآية هي محور هذا اللقاء إن شاء الله.
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)



السابق التالي الرئيسية