الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تُهِنَّا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضا عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم ،
هناك موضوع عولج في سورة الأحزاب وهو مهم جداً في التربية إنه موضوع القدوة ، فأي إنسان وّلاه الله على أناس كانوا قليلين أو كثر له حسابه.
سيدنا عمر رضي الله عنه كان إذا أراد إنفاذ أمر جمع أهله وخاصته وقال: إني أمرت الناس بكذا ونهيتهم عن كذا والناس كالطير إن رأيتم وقعتم وقعوا ، ويم الله لأوتين بواحد وقع في ما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العقوبة بمكانه ، فصارت القرابة من عمر مصيبة. أي إنسان بمركز كبير أب معلم مدرس عميل أسرة مدير معمل أو مستشفى أو مؤسسة رئيس دائرة ، أي إنسان يحتل مركز أعلى من غيره أو مكنَّه الله في الأرض هذا الإنسان له حساب خاص لو أخطأ يخطئ الناس تقليداً له ، ولو أصاب يصيب الناس تقليداً له ، فلذلك القدوة لها حساب خاص وحساب عسر ، هذه فكرة الموضوع تنطلق من قوله تعالى:
﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)﴾
(سورة الأحزاب)
فالإنسان قبل أن يخطئ وله أولاد ، قبل أن يخطئ وهو معلم وعنده طلاب ، قبل أن يدخّن وأمامه صغار ، قبل أن تكذب الأم أمام بناتها ، لابد من أن تنتهي ، إلا أن أي إنسان يحتل مرتبة القدوة يحاسب حساباً دقيقاً وله حساباً خاصاً ، إن أحسن فله جزاء الضعف ، وإن أساء فعليه وزر مضاعف ، لأنه إن أحسن قُلّد ، وإن أساء قُلّد ، الآية الكريمة:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
(سورة الأحزاب)
هذه النقطة دقيقة جداً ، الآن القدوة عليه أن يستقيم ، والقدوة عليه أن يحسن ، كي ينجو من عذاب مضاعف وينال أجر مضاعف ، الآن المقتدي بمن يقتدي ؟ الله عز وجل يقول:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
فهل يا ترى كل إنسان يجعل النبي أسوة له في شرط إن كنت ترجو الله واليوم الآخر حقيقة ؟ كل إنسان يرجو شيء ، إنسان يرجو جمع المال هذا هدفه ولا يرى شيئاً آخر ، إنسان يرجو أن يصل لمكان عال ولا يرى شيئاً آخر ، مرة ضربت مثل: رجل عنده خلل ببرميل الماء البرميل فاض وخرّب الأساس فانطلق من بيته مسرع يبحث عن الجهاز المعطوب الفوّاشة ، دخل لمحل هذا الإنسان لأنه مشغول بقضية لا يرى في هذا المحل إلا حاجته ، لو أطلعته على أشياء كثيرة ورخيصة لا يفكر فيها بل لا يراها إطلاقاً ، لا يرى إلا حاجته ، والإنسان إذا صدق بحاجة أو بشيء لا يرى إلا هذا الشيء فمن هذا الذي يجعل من النبي الكريم أسوة له ؟ قال:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
حتى لو أن الإنسان يرجو الله واليوم الآخر ولم يذكر الله ذكراً كثير يرجو غيره ، فالذي يرجو المال أسوته أصحاب الأموال ، والذي يرجو الجاه أسوته أصحاب الجاه ، والذي يرجو المتع أسوته في أصحاب المتع ، فدائماً هناك شخصيات ثلاث ، شخصية تكونها أنت ، وشخصية تكره أن تكونها ، وشخصية تتمنى أن تكونها ، فهذه التي تكونها هي أنت ، أما التي تكره أن تكونها هي التي تتناقض مع أخلاقك ومع مبادئك وقيمك ، أما التي تتمنى أن تكونها من خلالها تُعْرَف أنت ، من تُعَظِّم ؟ أرباب الأموال ؟ فأنت من أهل الدنيا ، من تُعَظِّم ؟ الأقوياء؟ فأنت من أهل الدنيا ، هل تُعَظِّم أهل الإيمان ؟ هل ترمقهم بعينيك ؟ هل تُجِلَّهُم ؟ أنت إذاً من أهل الإيمان لأنه لا يعرف الفضل وأهل الفضل إلا أهل الفضل ، وأكبر عطاء من الله عز وجل أن يكون حولك من هم على شاكلتك ، أكبر عقاب من الله أن يكون الذين حولك بعيدون عن شاكلتك ، لذلك من تكريم النبي أن الله اختار له أصحابه إن الله اختارني واختار لي أصحابي ، الإنسان كلما ارتقى يحب إنسانٍ راقٍ حوله ، سريع الفهم ، لطيف المعشر ، ظله خفيف ، يفهم بالإشارة ، يعاون ، لا يكون عبئاً بل في خدمة الدعوة ، فلذلك القدوة شيء مهم جداً في الحياة.الآن نبحث في موضوع ثالث ، الموضوع الأول القدوة: لها حساب خاص ، و الإحسان له حساب مضاعف ، لأن كل من اقتضى به في صحيفته ، وإن أساء عليه ذنب مضاعف لأن كل من قلّده في الإساءة إثمه في صحيفته ، هذا القدوة.
المقتدي: يجب أن يقتضي برسول الله بشرط أن يرجو الله واليوم الآخر ويذكر الله كثيرا ، انتبه لنفسك من تُعَظِّم ؟ من الذي تقلده في عقلك الباطن ؟ دخلت للبيت في مشكلة هل تقول: ماذا فعل النبي في هذه المشكلة ؟ كيف كان يتصرف ؟ أم تقول: فلان معلمي هكذا تصرف ؟ ممكن الإنسان يكون له مركز وقوي وله تصرف معيّن فإذا أنت تعظم الأغنياء أو تعظم الأقوياء و تترمل بأفعالهم وتتغنى وتطرب لأفعالهم تقلدهم ترى أعمالهم كاملة ، وهذا شيء ملاحظ جداً تجد شخص بمحل معلمه يأخذ أكبر حيّز من اهتمامه ، يرتكب أحياناً معلمه حماقة وصفاقة ويقسو يعدها رذيلة ، هذا ما فعله معلمي ، هذا الذي يُعَظِّم أرباب الأموال يجعلهم أسوة له ، يُعَظِّم الأقوياء يبطش بمن دونه تقليداً لهم ، أما إذا كنت ترجو الله واليوم الآخر فإن الذي تُعَظِّمه وتقتضي به ويأخذ بمجامع قلبك وتهتز لأفعاله طرباً هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
المقتدي: يجب أن يقتضي برسول الله بشرط أن يرجو الله واليوم الآخر ويذكر الله كثيرا ، انتبه لنفسك من تُعَظِّم ؟ من الذي تقلده في عقلك الباطن ؟ دخلت للبيت في مشكلة هل تقول: ماذا فعل النبي في هذه المشكلة ؟ كيف كان يتصرف ؟ أم تقول: فلان معلمي هكذا تصرف ؟ ممكن الإنسان يكون له مركز وقوي وله تصرف معيّن فإذا أنت تعظم الأغنياء أو تعظم الأقوياء و تترمل بأفعالهم وتتغنى وتطرب لأفعالهم تقلدهم ترى أعمالهم كاملة ، وهذا شيء ملاحظ جداً تجد شخص بمحل معلمه يأخذ أكبر حيّز من اهتمامه ، يرتكب أحياناً معلمه حماقة وصفاقة ويقسو يعدها رذيلة ، هذا ما فعله معلمي ، هذا الذي يُعَظِّم أرباب الأموال يجعلهم أسوة له ، يُعَظِّم الأقوياء يبطش بمن دونه تقليداً لهم ، أما إذا كنت ترجو الله واليوم الآخر فإن الذي تُعَظِّمه وتقتضي به ويأخذ بمجامع قلبك وتهتز لأفعاله طرباً هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)﴾
الآن المشكلة الثالثة: أكبر مصيبة تصيب الإنسان حينما يهتز المثل الأعلى الذي أمامه ، فإذا اهتز مشكلة كبيرة جداً ، ماذا يحصل ؟ لأن تسعين بالمائة من الناس يرون الدين من رجال الدين ، أما القدرة على الفصل بين المسلمين والإسلام ، وبين الديّنين والدين هذه القدرة يملكها نخبة قلّة في المجتمع ، أما معظم الناس يفهم الدين ممن يعمل في الحقل الديني ، فإذا لم يعجبوه رفض الدين ، يفهم الإسلام ممن يرى المسلمين فإذا كان له عليهم مآخذ رفض الإسلام ، مشكلة كبيرة لذلك قالوا: دققوا في هذا الكلام: من دعا إلى الله بمضمون سطحي ومتناقض وضحل وغير متماسك ويفتقر إلى الدليل العقلي والنقلي والواقعي والفطري ، دعا إلى الله في أسلوب غير علمي ، أو دعا بمضمون عميق بأسلوب علمي لكن المدعو فوجئ بعدم مصداقية الداع فتفلّت من الدين ، إلا لضحالة المضمون أو سخفه وعدم تماسكه أو بأسلوب غير علمي غير تربوي ، أو لعدم مصداقية الداع ، قال هذا المتفلت من الدين يلحق إثم تفلته على من دعاه بهذه الطريقة ، أما أخطر ما في الأمر لا يعد عند الله مبلغاً ، لأن في أعماق الإنسان إحساس أن دين الله عظيم ، ومن هذا المنطلق الأستاذ بسام أن كتاب سلمان رشدي هذا الكتاب وصف بيت النبي وبنات النبي وزوجات النبي وصفاً فاضحاً لا يليق برسول الله ، ولا أي نبي ولا بمؤمن أساساً ، كتاب ساقط محتقر لا تقوم له قائمة ، الشيء الذي لا يصدق وقد وقع أن عشرين ألف بريطاني أسلموا بسبب هذا الكتاب ، لأنهم رأوا أن هذا البيت لا يعقل أن يكون بيت النبوة ، لابد من أن يكون النبي أرقى من ذلك ، فبحثوا عن كتب صحيحة فاعتنقوا الإسلام ، فلذلك من دعا إلى الله بأسلوب ضحل ومفكك ، أو بأسلوب غير علمي ، وغير تربوي ، أو لم يجد المدعو في الداع المصداقية ، قد يرفض هذا الدين كله ، ويكون إثم تفلته من منهج الله على من دعاه بهذه الطريقة ، وليس عند الله مبلغاً لأن في أعماق الإنسان شعور أن دين الله أعظم من ذلك ، فيا أيها الأخوة محور هذا الدرس القدوة ، قل لي: من تقتضي أقل لك: من أنت ، إن كنت ترجو الله واليوم الآخر وبصرت الله كثيراً فقدوتك وأسوتك ومثلك الأعلى هو النبي عليه الصلاة والسلام ، من هنا ينشأ كلام جديد حينما يأمرك الله أن تقتضي برسول الله كلام طيب ما من لوازم هذا الأمر ؟ أقتضي بفلان ، ماذا يفعل فلان حنى أقتضي به ؟ من لوازم أن الله يأمرك أن تقتضي برسول الله أن تعرف سيرة رسول الله ، العلماء يقولون وهم على حق ومصيبون: دراسة سيرة رسول الله فرض عين ، دليل بسيط جداً الوضوء لماذا فُرِضَ ؟ لأن الصلاة وهي فرض لا تتم إلا به ، فما يتم الفرض إلا به ، فهو فرض ، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وما لا تتم السنة إلا به فهو سنة ، الصلاة فرض ولأنها لا تتم إلا بالوضوء فالوضوء فرض ، كل أمر في القرآن يقتضي الوجوب ، الله عز وجل أمرنا أن نأخذ عن رسول الله وأن نقتضي به ، من ملازم هاتين الآيتين أن تعرف سيرته وسنته ، وهي فرض عين على كل مسلم ، لأن موضوع الاقتضاء موضوع مهم جداً ، فالقدوة لها حساب خاص ، والمقتضي يجب أن يقتضي برسول الله ، إن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ، وأكبر مصيبة تصيب الإنسان حينما يهتز مثله الأعلى ، فلذلك يجب أن نفرق دائماً بين الأشخاص والمبادئ ، بين المثل وبين من يَدَّعِيَهَا ، وبين المنهج وبين واضعه ، التفريق ضروري جداً لئلا يقع الإنسان ضحية غيره ، .